• ا لرئيسية
  • التميز
  • امرأة بدرجة امتيا ز
  • ا لأ طفال المزعجون
  • نساء حول الرسول
  • مع المختص
  • التدبير المنزلي
  • blogger

    الانطلاقة الاولى

    الانطلاقة الأولى


    سر البداية


    v جولة حرة:
    حينما يجوب الخاطر ويلوح بالبال سالف الأيام وسابق الأحوال، فتجدي الماضي محلقاً في جنباته اليأس تارة، والتسويف تارة، والتقليد تارة، والحزن... وهناك من تتذكر نقاط القوة ومواطن السعادة وبواعث السرور وأوسمة التقدير.. وتلك هي النظرة المرجوة والوثبة المنتظرة..

    أقولها لها: 


    فلا تغلقي أبواب الأمل


    لا تجرحي مشاعر الطموح



    ولا توأدي طفل الإرادة فهناك الجديد تحت الشمس.. فلا يضيرك ما مضى ولا تحملي هم ما سبق.. فانظري للواقع وافتحي يديك.. لأن من فعلت ذلك بجدية وبرهان..



    فإنها امرأة..


    رأت إمكانياتها.. ففردت جناحيها لتطل على مواهبها برأس الحكمة وعين العقل وفأس العمل، والدفاتر مليئة.. والتاريخ به من الذخيرة ما يحتاج فحص سيرهم وتعلم مبادئهم...


    ومن هنا..

    فما أجمل أن ننسى آلام الماضي.. ونستيقظ من كابوس اليأس.. ونتحرر من رق الاتباع اللاواعي.. كل يجمع في حزمة واحدة ثم ترمي في سلة المهملات.. ونقذف بهم في زنزانة النسيان..

    فلا قيمة للطم الخدود وشق الجيوب.. على حظ فات أو نجاح ناب أو حلم مات أو حزن آت.. لأن تصفح دفاتر الماضي ضياع للوقت وقتل الحاضر ولا طائل من تشريح جثة الأمس ولا فائدة من الندب على الأموات..

    وما قيمة من ينظر للوراء ولا يرى إلا للخلف؟! وهو يصطدم بجدار المستقبل ناطحاً إياه بالعناد..


    وخذي هذه القصة:

    أحد مدرسي الصحة بكليات الطب علم طلابه درساً لا ينسى ومنهم سوندرز.. وهذه هي الحكاية من البداية.. فقال: لم أكن بعد قد بلغت العشرين من عمري، ولكني كنت شديد القلق حتى في تلك الفترة المبكرة من حياتي، فقد اعتدت أن أجتر أخطائي وأهتم لها همّـاً بالغاً، وكنت إذا فرغت من أداء امتحان وقدمت أوراق الإجابة.. أعود إلى فراشي فاستلف عليه..

    وأذهب أقرض أظافري وأنا في أشد حالات القلق خشية الرسوب لقد كنت في الماضي وفيما صنعته فيه، وأود لو أني صنعت غير ما صنعت، وأفكر فيما قالته من زمن مضى، وأود لو أنني قلت غير ما قلت.. ثم إني في ذات صباح ضمني الفصل وزملائي الطلبة، وبعد قليل دلف المدرس "مستر براندوين" ومعه زجاجة مملوءة باللبن ووضعها أمامه على المكتب وتعلقت أبصارنا بهذه الزجاجة، وانطلقت خواطرنا تتساءل ما صلة اللبن بدروس الصحة؟


    v وفجأة..

    نهض المدرس ضارباً زجاجة اللبن بظهر يده فإذا هي تقع على الأرض ويُراق ما فيها وهنا صاح "لا يبكي أحدكم على اللبن المراق".. ثم نادانا الأستاذ واحداً واحداً لنتأمل الحطام المتناثر والسائل المسكوب على الأرض، ثم جعل يقول لكل واحد منا انظر جيداً انني أريد أن تتذكر هذا الدرس مدى حياتك لقد ذهب اللبن واستوعبته البالوعة، فمهما تشد شعرك وتسمح للهم والنكد أن يمسكا بخناقك، فلن تستعيد منه قطرة واحدة..
    لقد كان يمكن بشيء من الحيطة والحذر أن تتلافى هذه الخسارة، ولكن فات الوقت وكل ما تستطيعه أن نمحو أثرها وننساها ثم نعوج إلى العمل بهمة ونشاط..

    v والمهم هو..

    فيا أختاه..
    لا تبكي على اللبن المسكوب وتذكري تصريح الحبيب صلى الله عليه وسلم "احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز وإذا أصابك شي فلا تقل لو أني فعلت كذا لكان كذا وكذا ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل.. فإن لو تفتح عمل الشيطان".


    v استئصال يُشفي

    قال عون بن عبد الله "إن من أغر الغرة انتظار تمام الأماني وأنت أيها العبد مقيم على المعاصي لقد خاب سعي المعرضين عن الله وقال: ما نؤمل إلا عفوه وغلبه البكاء".. ولهذا شدد النبي صلى الله عليه وسلم التنبيه "كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل وعد نفسك من أهل القبور".

    .. ولذا صاح أبو الدرداء "ألا تستحيون؟! تبنون ما لا تسكنون؟! وتأملون ما لا تدركون؟! وتجمعون ما لا تأكلون؟! إن الذين كانوا قبلكم بنوا شديدا وجمعوا كثيراً وأملوا بعيداً فأصبحت مساكنهم قبوراً وآمالهم غروراً وجمعهم بوراً!!"
    ويلتقط طرف الحوار عبد القادر الجيلاني موضحاً "لا تغتر بعمل من الأعمال فإن الأعمال بخواتيمها؛ عليك بسؤال الحق عز وجل أن يحسن خاتمتك ويقبضك على أحب الأعمال إليه.. إياك ثم إياك إذا تبت أن تنقض ثم تعود إلى المعصية ولا ترجع إلى توبتك بقول قائل.. ولا توافق نفسك وهواك وطبعك وتخالف مولاك عز وجل"..

    v وهذا دافع قوي

    "هل هي مسألةٌ سهلةٌ أنْ تمشي على قدميْك، وقد بُتِرتْ أقدامٌ؟! وأنْ تعتمد على ساقيك، وقد قُطعت سوقٌ؟! أحقيقٌ أن تنام ملء عينيك وقدْ أطار الألمُ نوم الكثير؟! وأنْ تملأ معدتك من الطعام الشهيِّ وأن تكرع من الماء البارد وهناك من عُكِّر عليه الطعامُ، ونُغِّص عليه الشَّرابُ بأمراضٍ وأسْقامٍ؟! تفكِّر في سمْعِك وقدْ عُوفيت من الصَّمم، وتأملْ في نظرِك وقدْ سلمت من العمى، وانظر إلى جِلْدِك وقد نجوْت من البرصِ والجُذامِ، والمح عقلك وقدْ أنعم عليك بحضوره ولم تٌفجعْ بالجنونِ والذهولِ".


    v أنتِ في نعمة عظيمة..

    أختاه: إن الإسلام قد كفل لك الحرية والسعادة وقد حررك من ربقة الذل وقيد الأمر وزلة الوأد.. وجعلك حلة من حلل المجد.. وأجلسك على عرش البقاء والنجاح والامتياز.. فهل قدرتي هذه النعمة وحفظت لها شكرها.. لذا اسمعي من حبيبة قلبك أسماء حيث يقول عروة بن الزبير: دخلت على أسماء وهي تصلي فسمعتها وهي تقرأ هذه الآية "فمَنَّ اللهُ علينا ووقانا عذابَ السَّمُومِ" ]الطور:27[" فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم" فاستعاذت فقمت وهي تستعيذ فلما طال على أتيت السوق ثم رجعت وهي في بكائها تستعيذ".



    فأنت في نعمة قدري ثمنها.. واعرفي قدرها.. ودافعي عن حصنها.. واحفظي نهجها.. ورُدي جميلها..


    v ثمنك.. بين يديك.. فارفعيه

    "أتريدُ في بصرِك وحدهُ كجبل أُحد ذهباً؟! أتحبُّ بيع سمعِك وزن سهلان فضةِّ؟! هل تشتري قصور الزهراء بلسانك فتكون أبكم؟! هل تقايض بيديك مقابل عقود اللؤلؤ والياقوت لتكون أقطع؟!
    إنك في نِعم عميمة وأفضال جسيمة، ولكنك لا تدري، تعيش مهموماً مغموماً حزيناً كئيباً، وعندك الخبرُ الدافئُ، والماءُ الباردُ، والنومُ الهانئُ، والعافية الوارفةُ، تتفكرُ في المفقود ولا تشكر الموجود، تنزعج من خسارة مالية وعندك مفتاح السعادة، وقناطير مقنطرة من الخير والمواهب والنعم والأشياء، فكّر واشكرْ "وفي أنفسكم أفلا تبصرون" فكّر في نفسك وأهلك، وبيتك، وعملك، وعافيتك، وأصدقائك، والدنيا من حولك "يعرفون نعمتَ الله ثُمَّ يُنكرونها".

    .. لذا قال أبو حازم " أنا أحسن من الملوك.. فأمس قد انتهى.. وغداً لا نعلمه.. واليوم فماذا نقدم فيه؟!"..


    انتضر تعليقاتكم وتشجيعاتكم